الجمعة، 20 يونيو 2008

المحور الثالث : الشغل بين الاستلاب والحرية

المحور الثالث : الشغل بين الاستلاب والحرية

السؤال الإشكالي:
هل يمثل الشغل عامل تحرر أم عامل استلاب، غاية أم وسيلة، رتابة أم إبداعية؟

- سارتر: يؤكد سارتر على أن الشغل هو الذي يمنح إمكانية الشروع في التحرر انطلاقا من وعي العامل المقهور باستعباده في عمله. تتجلى أهمية موقف سارتر في كونه يعتبر الشغل عنصرا أساسيا لتحرير العامل المستعبد من طرف نظام الشغل المستبد ، كما يعتبر إن حالة الرفض التي يمثلها العامل لوضعيته المتأزمة بمثابة وعي وحرية.

-كارل ماركس: يعتبر ماركس أن الشغل عامل استلاب وتحرر في الوقت ذاته ففي النظام الرأسمالي لا يعدو أن يكون الشغل سوى وسيلة لاستلاب الذات وقهرها وإذابتها وقتلها بحيث أصبح الشغل نشاط مستهلك في ظل شروط إنتاج يتم فيها شراء قوة العمل. وهدا الإحساس بالاستلاب يظهر من خلال نفور العامل من الشغل حيت يحس داخله بالشقاء والتذمر ، وانهيار نفسي وإرهاق يمنعه من تطوير طاقاته وتحقيق ذاته وتكون النتيجة الحتمية هي مايلي :فعوض إحساس الإنسان بكينونته داخل العمل أصبح يبحث عن ذاته في أوقات الفراغ في أعمال تعتبر مجرد وظائف حيوانية... إن الاستلاب في نظر الماركسية ليس سوى نتيجة حتمية للاستغلال الناتج بدوره عن الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج.

خلاصة
إن الشغل ظاهرة استأثرت باهتمام الفلاسفة والسياسيين و السوسيولوجيين وعلماء الاقتصاد وغيرهم . ففي الوقت الذي يرتبط فيه الشغل عند البعض بالإنتاجية والتقنية والتصنيع والتقدم والتخلف...الخ يرتبط عند الآخرين بالالتزام وخلق الذات للذات وخلق الذات للآخر والرغبة والحرية والاستلاب ،ومهما تعددت الأطروحات فإننا لا نستطيع أن نتصور العالم اليوم دون ظاهرة الشغل أو حياة ليس فيها عمل إلا إذا كنا طوباويين أو مستغرقين في أحلام اليقظة. فالشغل وحده يستطيع أن يحقق للإنسان إنسانيته ويضمن له كرامته. إننا اليوم نوجد بالقدر الذي نعمل، بل أصبح وجودنا متوقف على الشغل ، من خلاله نستطيع أن نتفاعل مع ذواتنا ومع الآخرين وهو الكفيل بان يقيم التصالح بيننا وبين أنفسنا وبيننا وبين مجتمعنا

السبت، 14 يونيو 2008

المحور الثالث : اللغة والسلطة

المحور الثالث : اللغة والسلطة
..
اللغة ظاهرة معقدة، مما جعلها تطال ميادين مختلفة ومتعددة كميدان السلطة والفكر والإيديولوجية والمنطق ... إلخ، ومع تــــطور الـدراســـات اللغوية الحديثة تأكد أن للغة ذاتها سلطة على النفوس والعقول وأنها تتضمن رؤية للعالم، وأن تحليل لغة السلطة يتعين أن يمر أولا عبر سلطــة اللغة ذاتها، خاصة في مجتمعات مليئة بالكلمات والرموز والعلامات التي تداهم الفرد بواسطة وسائل الإعلام أو وسائل المعرفة المختلفة عبـر أجهزة الإيديولوجيا والسلطة ذاتها.

لقد أصبح من المؤكد من خلال تصورات العديد من الفلاسفة أن هناك علاقة وطيدة بين اللغة والسلطة، حيث لا يمكن تصور لغة بدون سلطــة أو سلطة بدون لغة، فإذا كانت اللغة فعل من أفعال السلطة حسب نيتشه على اعتبار أنها تبقى أداة في يد الأقوياء والمهيمنين للتصنيف بين القيم (الخير/الشر، النبيل/الحقير...)، فإنها مع ج.غسدورف تعمل على توجيه الإنسان ليندمج في التراتبية الاجتــماعية، بحــيـــث تـــفرض عليــه الاستعمال الصحيح للكلمات داخل النظام الذي ينتمي إليه، وفي نفس الوقت تساعده على الخروج من ذاته والارتباط بالمحيط العائلي والانفتاح على العالم، فبسبب اللغة يضطر إلى التخلي عن حياته الداخلية والخاصة لمصلحة الوجود الاجتماعي الخارجي.
إن اللغة كذلك سلطة تشريعية وإلزامية قانونها اللسان، بفعل التكرار والاجترار الذي يـطـال الكلـمـات التي يـتداولـهـا الأفـراد، إذ تـحـدد نــطقنا وألفاظنا وتركيبنا اللغوي، لتصبح أداة للضغط ومعبرة عن الخطاب الإيديولوجي السائد في المجتمع. هكذا تكون الـغـة فـي نـظـر رولان بـارط تحت تأثير الطقوس والعادات وتحت ضغط الطابوهات وسيلة تخفي بها الذات المتكلمة ما تود قوله، أي أن الذات تتكـم في حدود مـا يـسـمـح به المجتمع. كما أن اللغة تحمل في ذاتها صيغة إلزامية تعمل على تأكيد وإثبات ما يجب أن ينطق به الفرد في إطار علاقته بـين الأفـراد فـي حدود ما تسمح به هي، ومن هنا لا تظهر قدرة الفرد الإبداعية إلا من خلال قدرته على الالتزام بقوانين الـنسق اللـغــوي وبـهـذا يصـبح الإنسان عبدا للغة أكثر مما هو سيد لها.
وإذا كان دي سوسير يدرس موضوعة اللغة كموضوعة مستقلة، والفصل المطلق بين اللسانيات التي تقتصر على اللغة في باطنها وتلــك التي تهتم بما هو خارج عنها، فإن بيير بورديو سيتوجه نحو دراسة اللغة في إطار مجالات استعمالها المتعددة والشروط الاجتماعية لاستخــــــدام الكلمات.وحسب بورديو تبقى دراسة دي سوسير حبيسة البحث عن قوة الكلمات وسلطتها داخل الكلمات ذاتها، أي حيث لا وجود لتلك القــــوة ولا مكان لتلك السلطة. ليست سلطة الكلام إذن إلا السلطة الموكولة لمن فوض إليه أمر التكلم والنطق بلسان جهة معينة، أي أن اللغة تستمـــــد سلطتها من الخارج وترمز إلى سلطة وتمثلها وتظهرها، فأي خطاب مرتبط بسلطة تتحدد بحدود التفويض الذي تسنده المؤسسة للشخــــــص الذي ينتج ذلك الخطاب، فالأسلوب العلائقي اللغوي الذي تتميز به لغة القساوسة أو الأساتذة وجميع المؤسسات راجع بالأساس إلى المقام الذي يحتلونه في إطار سباق وتنافس هؤلاء الذين أسندت إليهم بعض السلطات. إن فحوى الخطاب وكيفية إلقائه في ذات الوقت يتوقفان على المــقام الاجتماعي للمتكلم، ذلك المقام الذي يتحكم في مدى نصيبه من استعمال لغة المؤسسة واستخدام الكلام الرسمي المشروع، ومن ثمة فإن مـــــن فوض إليه أن يكون ناطقا باللسان، لا يؤثر عن طريق الكلمات ذاتها، بل يؤثر بالرأسمال الرمزي الذي وفرته الجماعة التي فوضت إليــــــــه الكلام ووكلت إليه أمر النطق باسمها وأسندت إليه السلطة. فالخطاب ينبغي أن يصدر عن الشخص الذي سمح له بأن يلقيه، أي عن هذا الـــذي عرف واعترف له بأنه أهل لأن ينتج فئة معينة من الخطابات وأنه كفء جدير بذلك (كالقس والأستاذ والشاعر...)، كما ينبغي أن يلقى فــــي مقام مشروع أي أمام المتلقى الشرعي فلا يمكننا مثلا أن نلقي قصيدة سريالية أمام مجلس حكومي.اللغة السلطوية ليست إلا الحد الأدنى للسـان المشروع الذي لا يستمد سلطته من مجموع تغيرات النطق وكيفيات التلفظ التي تحدد النطق، ولا من تعقيد تراكيبه الصرفية وغناه اللفظي، أي من خصائص الخطاب ذاته، وإنما من الشروط الاجتماعية للإنتاج وإعادة إنتاج المعرفة بذلك اللسان المشروع والعمل على الاعتراف بــه داخل الطبقات الاجتماعي

الخميس، 12 يونيو 2008

المحور الاول: الرغبة والحاجة

تمهيد : الرغبة

يعيش الانسان ضمن بعدين بعد واعي يتمثل في عملية الادراك والوعي بذاته وبالعالم الخارجي ثم بعد واعي يتمثل في مجموع الرغبات الاشعورية المكبوتة والتي تمثل على سطح الوعي مما يعني ان الرغبة مكون اساسي من مكونات الانسان بحيث يكون له دائما ميل نحو موضوع ما يحقق له لذة ومتعة قد تصل الى حد السعادة غير ان هناك اختلاف بين الناس في تحديد طبيعة المواضيع التي يمكن ان تحقق لهم المتعة السعادة . ويمكن تصنيفها الى الرغبة في مواضيع تكتسي طابع الحيوي والضرورة كالرغبة في الاكل او النوم او التكاثر و الرغبة في النجاح او شغل منصف .. فاذا كان النوع الاول مرتبط بما هو غريزي وبحاجة الانسان الى ماهو اساسي لضمان بقائه فان النوع الثاني يتجاوز ماهو غريزي ويفترض وجود وعي وارادة لتحقيقها وبالتالي نيل السعادة.
وهذا ما يدفعنا الى طرح مجموعة من التسائلات .
- كيف تحدد الرغبة الانسانية وهل يمكن اعتبارها امتدادا للحاجة ام انها تشكل قطيعة معها ؟
- كيف ترتبط الرغبة بالارادة والوعي ؟ هل تندرج الرغبة ضمن المجال الواعي للانسان ام ضمن المجال الاواعي ؟
- هل يقتضي تحقيق السعادة اشباع الرغبات ام ان الانسان يمكن ان يكون سعيدا بدون ارضائها ؟


الرغبة : المحور الاول: الرغبة والحاجة

الوضعية المشكلة
قد نجد احيانا الانسان يطمح الى جمع ثروة لاكن حينما يتعرض لخطر يهدد حياته فانه لا يفكر بالنجاة بنفسه بقدر مايفكر في انقاذ المال الذي جمه مما يعني ان المال يتخذ بعدا اساسية يتجاوز مجرد الرغبة في جمعه وانما الحاجة اليه والتي يمكن ان يربطها بحياته . وهذا يدفعنا الى الطرح السؤال التالي هل يمكن الفصل بين الرغبة والحاجة ام ان كل رغبة تتبع طابع الضرورة وتتحول الى حاجة ؟

: موقف اسبينوزا
الاشكالية : هل بمكن اعتبار الرغبة الانسانية شهوة ام انها مستقلة عن الادفاعات الغريزية
اطروحة النص : ان الرغبة هي ماهية الانسان على اعتبار ان كل مايقوم به هذا الاخير هو بغاية الحفاظ على البقاء ومن ثم لايمكن الفصل بين الرغب والشهوة ( الاندفاعات الجنسية )
البنية الحجاجية : الرغبة : هي مجموعة الاندفاعات والشهوات والمجهودات الارادية الرامية الى تحقيق غريزة البقاء وهي تشكل ماهية الانسان التي يمكن الفصل فيما بين الوعي والشهوة
الرغبة الانسانية شهوة واعية بذاتها : وهذا ما يؤدي الى الاعتقاد بان الرغبة تتجاوز الشهوة في حين انهما شيئ واحد

: موقف افلاطون
الاشكالبة : ما طبيعة الرغبات هل هي غريزية ام مرتبطة بالعقل ؟
بمعنى اخر اين يمكن تصنيف الرغبة هل في المجال الحيواني ام ضمن المجال العاقل ؟
اطروحة النص : يميز افلاطون بين نوعين من الرغبات رغبات ذات طبيعة غريزية مرتبطة بالجانب الحيواني في الانسان ورغبات صادرة عن العقل والتي سماها بالرغبات الفاضلة .
عناصر الاطروحة : من بين الرغبات التي نجدها لدى الانسان شهوات ذات طبيعة حيوانية ومن ثم فهي فطرية لدى الناس كافة الى انه يختلفون من حيث درجة التحكم فيها وتتحقق في مجالات يغيب فيها الجانب العاقل كحالة النوم والاحلام .
يوجد نوع من الرغبات مصدرها العقل وتتواقف مع القوانين وهي رغبات الفاضلة.
يفصل افلاطون بين الجانب الغريزي للانسان والجانب العاقل بحيث تشكل الرغبات الغريزية قطيعة عامة مع العقل .

: موقف هيجل

يعرف هيجل الانسان ككائن رغبة وهو يميز بين مستويين لرغبة في المستوى الاول يقوم الانسان بافعال تروم استمراريته في الحياة من هنا بحثه عن الغذاء واستهلاك عن طريق تحويل الطبيعة ومن ثم فهو يؤكد على وجوده ويحافظ عليه الى انه لاينفصل من خلال هذا الفصل وحده عن المرحلة الحيوانية لانه لايحقق سوى شكل بسيط من الوعي وهو الشعور كوجوده كجسد ولايرقى الى مرحلة الاحساس بالذت ومن اجل تحقيق ذالك يجب ان تتحول رغبة الانسان من مواضيع مادية ( الغذاء ) الى مواضيع غير مادية وهذا هو المستوى الثاني للرغبة الذي بمقتضى ان تنصب رغبة على رغبة ذات اخرى تتعرف له بوجوده كذات . ومن هنا بين الواقع الانساني وبضرورة واقع الاجتماعي لان رغبة الذات وتحقيق الاعتراف والتقدير من طرف الاخر يجعلها تدخل علاقات مع اشخاص اخرين ولنيل هذا الاعتراف يكون الانسان للستعداد للقيام باي شيئ فهو يذهب الى حد نفي ذاته والمخاطرة بحياته من اجل تحقيق قيمة تفوق قيمة الحياة بالنسبة اليه وهي الحرية لكن اعتراف به من طرف ذات اخرى لايعطى شكل سلمي بل انه يستدعي الخوض في صراع من الاخر تنم فيه المخاطرة بالحياة من اجل الحرية وهي مواجهة يحرص فيها الاثنان على ان يظل الاخر حيا لان موته يعني غياب الاعتراف من طرف الميت لصالح الطرف الذي اظهر انه غير متشبث بالحياة في مقابل الطرف الذي فضل الحياة على الحرية ونتيجة لهذا الصراع تنبثق اول علاقة اجتماعية قائمة على التراتبية والهيمنة وهي علاقة " السيد بالعبد " يكون فيها السيد حائزا على لعتراف كوجوده كذات مجردة بينما يظل مستوى الوعي الذي يحققه عبد بسيط تابع لوجود السيد
من هنا يتبين ان هيجل يعتبر الرغبة الانسانية تجاوزا لمجرد الحاجة البيولوجية نظرا لان الانسان ذات مجردة تتميز بنفي المعطى الطبيعي فيه

: خلاصة تركيبة

بما ان الانسان كائن بيوثقافي فانه يحول في الغالب حاجات الغريزة الى رغبات مكتسبة ثقافيا وهذه الرغبات بدورها تتحول الى حاجات ذات ضرورة اجتماعية وتبعا لذالك فانه يمكن الفصل بين الرغبة والحاجة .

الثلاثاء، 10 يونيو 2008

المحور الثاني : الرغبة والارادة


المحور الثاني : الرغبة والارادة

: وضعية المشكلة
ان صعوبة الفصل بين كل من الرغبة والحاجة من حيث ان كليها يوحي لك طابع الضرورة مما يدفعنا الى طرح السؤال ما علاقة الرغبة بالارادة الانسانية هل يمكن اعتبار الرغبة ارادية و واعية ام انها تندرج ضمن مجال اللاواعي ؟
: موقف افلاطون
الاشكالية : بماذا ترتبط الرغبة هل ترتبط بالجانب العاقل في النفس ام الجانب العاقل فيها ؟ وما علاقتها بالغضب ؟
اطروحة النص : يميز افلاطون في النفس البشرية في ثلاث قوى : قوة شهوانية تهدف الى اشباع الرغبات . قوة عاقلة تتحكم في الانفعالات وقوة غضبية تتصارع احيانا مع الرغبات
عناصر الاطروحة : من خلال مثال امتناع بعض العطشى من الشرب يثبت افلاطون ان هناك اكثر من قوة مبدا يتحكم في الافعال الانسانية .يرتبط مبدا الاول بالجانب الغريزي الانفعالي ( الشهوة ) بينما يندرج المبدا الثاني ضمن مجال العقل . وهما مبداين منفصلين عن بعضهما بكل حيث مبدا ينغلق على ذاته .يوجد في النفس البشرية مبدا ثالث نسميه بالقوة الغضبية وهي قوة ناتجة عن صراع بين الجانب العقل والجانب الشهوة او الرغبة .

: خلاصة تركيبة
الرغبة تندرج ضمن المجال لا عاقل للانسان بحيث تصدر عن الشهوة والانفعالات الغريزية التي يتعين على العقل قمعها على اعتبار ان الانسان فيه قوى مختلفة ومنفصلة عن بعضها البعض

موقف اسبينوزا : ان الانسان هو كائن رغبة فنظام الافكار غير متعالي عن نظام الرغبات والاهواء الجسدية فهو ليس كائن معرفة بقدر ما هو كائن رغبة لذالك يقر اسبينوزا على ان ما يشكل ماهية الانسان هي الرغبة . ويعرف هذه الاخيرة على انها ذالك المجهود الذي يقوم به الانسان من اجل ان يستمر في بقائه بمعنى ان الانسان لا يفكر ولايجهد نفسه في التخيل والمعرفة الى لكي يلبي رغبته فليست الرغبة منحصرة في مجال الحس بحيث يتعتى فهمها من طرف العقل بل ان العقل ذاته في نهاية الامر ليس سوى نوازع جسدية اذ ان النفس ليست جوهرا ثابتا مستقلا عن الجسد بل هي تعبير عنه ويرجع الفصل بين النفس والجسد الى جهل بامكانات الجسد فكيف نفسر حالة النائم الماشي كون جسده ياتي افعالا وحركة حتى في حالة غفلة العقل وغيابه كما انه يسحيل تفكير في حالة غفلة العقل وغيابه كما انه يستعمل تفكير في حالة انهاك الجسد ويستدل اسبينوزا كذالك على غياب الارادة في الافكار الانسانية من خلال ظاهرة الندم التي تثبت ان افعال البشر ليست ناتجة بضرورة عن تبصر عقلي وادارة حرة بل مصدرها نوازع وميولات جسدية جارفة فالعقل الانساني ليس ناتجا عن ارادة بقدر ماهو نابع لهوى وبيع الجسديترتب عن ذالك ان النفس والجسد لهما وجود واحد فلا وجود لجوهر مفكر مستقلا ومتميز عن الجسد وتبعا لذلك فان الرغبات لا تكون في الغالب ارادية وما يجعل الانسان يتوهم انه يتحكم فيها هو كونه يعي بها غير انه يجعل قدرتها على التحكم فيها .

موقف فرويد : لتحليل الجاهز النفسي للانسان نجد ان اغلب الرغبات الغريزية تنسحب بفعل مبدا الواقع الى منطقة الاشعور وتطفوا على سطح الوعي متى تسنح لها الفرصة غير انها تتمظهر في اشكال رمزية غير مباشرة ليمتد اليها الوعي الانساني اذ تظل مرتبطة بالجانب الاواعي والمجال لذي تعبد هذه الرغبات عن نفسها بشكل كبير هي الاحلام اذ يعتبرها فرويد الطريق الملكي للاشعور وهذه الرغبات المحققة للاحلام لا تكشف عن نفسها بشكل مباشر وانما تكون غالبا رغبات مقنعة مما يعني صعوبة الوعي بها ويتطلب الامر تدخل وسيط وهو المحلل النفسي فغالبا ما تنطوي الاحلام على معاني خفية ومشوهة ويرجع ذالك الى ان الرقابة لا تغيب بشكل مطلق اثانء النوم بل هي فقط تتراخى وتخف ولذالك تلجا الانا الى التخفيف من معاني الحلم المحظورة بواسطة صور مشوهة ( فكل حلم انما هو تحقيق مقنع لرغبة مكبوتة )

: خلاصة تركيبية
يتبن اذن ان رغبات الانسانية ليست كلها ارادية كما انها لا تكون دائما لا ارادية هلى اعتبار ان الانسان كائن واعي ولاواعي في الوقت ذاته .

المحور الثالث : الرغبة والسعادة

المحور الثالث : الرغبة والسعادة

: الوضعية المشكلة
ان كل فصل انساني يكون موجها بغاية تحصيل السعادة فكيف يتحقق به ذالك هل من خلال اشباع رغباته ام انه يمكن ان يكون سعيدا بدون اشباعها ؟

: ابيقور
غاية الحياة السعيدة هي اللذة فهي الخير الاسمى وهي اصل كل فعل اخلاقي يتجه نحو تحصيل اللذة وتجنب الالم وليس اتباع الخير لاجل الخير او فضيلة لاجل الفضيلة سوى وهم اذ أن الانسان حسب ابيقور هو جسد ونفس وان سعادته تكمن في تحقيق الخير الملائم لطبيعة كليهما .
والخير الملائم لطبيعة الجسد هو اللذة اما الخير الملائم لطبيعة النفس فهي الطمئنينة فكيف السبيل الى تحقيق اكبر قدر ممكن من اللذة وكيف السبيل الى تحقيق الطمئنينة ؟
بالنسبة لتحقيق اللذة فهو يتم بالاعتدال اذ لايدعوا ابيقول الى التمتع باللذة في كل الحالات ودون اية شروط فالافراط في طلبها لايمكن ان يؤدي الا التعاسة والهلاك فهو يقدم معنا جديدا للذة اذ اللذة لا تمكن في اشباع الرغبة وانما في غيابها وهي عندئذ غياب الالم الذي يصحبها . ولتوضيح هذه الفكرة يقسم اللذات الى انواع ثلاث : - هناك من اللذات ماهو ضروري وخير معا وهي ناتجة عن اشباع الحاجات الاولية لكائن حي وهي بدورها تنقسم الى : لذات مركبة مثال ذالك العطشان الذي يجد الماء فيشربه يشعر بالذة اثناء شربه وبعد ان ينتهي من الارتواء يشعر بلذة سكونية وهي الخلو من الحاجة هذا النوع من اللذات هي التي يطلق عليها اسم اللذات بالمعنى الحقيقي وكل ما عداها فقيمته اقل بكثير لانها ليست ضرورية .
- هناك من اللذات ما ليس ضروريا وان كان خيرا كذالك فالتانق في الملبس وفي الماكل كل هذا ليس بلذة ضرورية وان كانت خيرا لانه يحدث لذة ولكنها اقل درجة من النوع الاول .
- هناك من اللذات ما ليس ضروريا ولا خيرا في ذاته لانه يحدث دائما شعورا بالنفس والحاجة اي يحدث من ناحية الجسم ألما ومن ناحية النفس خلوا من الطمئنينة ومثال ذالك الطمع والطموح ليس بضروريين لاننا لا نشعر بحاجة طبيعية اصلية نحو اشباع هاتين الحاجتين وانما هو الوهم الذي يخيل الينا انه من الممكن تجاوز الحدود لتحصيل لذة اكبر كما ان الآلام التي تلازم هذا النوع اكبر بكثير مما سيتم من اشباع وقتي قطعا .

: موقف الفرابي
الاشكالية : كيف يمكن تحصيل السعادة هل من خلال كذات حسية ام من خلال الذات عقلية ؟
ان سبيل السعادة الحقيقية لا يكون باشباع اللذات الحسية التي هي بمثابة عائق امام الوصول الى سعادة تتحقق من خلال والارتباط لما هو عقلي واخلاقي .
عناصر الاطروحة : يصنف الفرابي اللذات الى صنفين : صنف مرتبط بلذات حسية وصنف اخر يتعلق بما هو عقلي واخلاقي والصنف الاول ينقسم بدوره الى لذات خاصة باستمرار الحياة الانية من حيث هو جسد ( التغذي ) واستمراره كجماعة ( التناسل )
ان تحصيل الذات الحسية لا يمكن الا ان يكون عائقا امام السعادة الحقيقية التي تنال من خلال التحكم في اللذات الحسية من اجل الاتجاه الى ما هو اخلاقي .

: موقف كانط
الاشكالية : هل يمكن تحديد مفهوم دقيق للسعادة ؟
على اعتبار ان السعادة تتشكل كلا مطلقا الامتناهي فانه لايمكن تحديدها بشكل دقيق انطلاقا من المعطيات تجريبية متناهية
عناصر الاطروحة : ان السعادة هي مطمع انساني بحيث تشكل غاية كل فعل على انه يختلف الناس في تحديد سبيل تحصيلها
-يعجز الانسان ان يكون تصور واضح عن السعادة ويرجع ذالك الى كونها الامتناهية بينما يعتمد على معطيات تجريبية محدودة لديها

: خلاصة
ان الانسان ذات واعية حرة الى جانب كونه جسد له حاجات ومتطلبات تتطلب الاشباع لذا فان السعادة يتم تحصيلها من خلال مراعات كل الابعاد لوجود الانسان ( الجسدية - النفسية - العقلية ... )
غير انها لاتتحقق سعادة الانسان بشكل مطلق على اعتبار انها لا تحدد من خلال معطيات متناهية بل هي عبارة عن كل مطلق لذالك تمثل مسمى كل فعل انساني .